...

0 views

بيض الصخرة
في الدعوة إلى الله واجه النبيَّ محمدا صلى الله عليه وسلم غزوتان. غزوة حذاء الكفّار ظاهرة وأخرى تجاه نفسه مكبّدة. في الأولى، كما لا يخفى على أحد واتّضح جليا أن النّبيّ شاجر الكفّار لمّا اعتدوا عليه وأصحابه بشدّة الحَزم والحُزم مع حمل السّلاح ضدّ طغيان الكفّار واعتدائهم على المسلمين؛ كما كان الأمر في غزوات أحد وبدر ووو.

وأمّا غزوته المكبّدة من نفسه والحرب الباردة الحارّة المحرقة كبده والنار الحامية في أعزّ جوارحه فهي تَعامَى الكفّار وتجاهلهم آيات الله مع سطوعها وبروزها أمامهم وإمكان رؤيتهم إيّاها رأي العين. وذلك مم أدّى إلى إحراق كبد النبي. وقد يكون في خياله صلّى الله عليه وسلّم أن يرى سبيلا إلى ملكة استسلام جميع الكفّار بل جميع النّاس.
ولكن قد سبقت كلمات الله تعالى حيث يقول: "إنّك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين"
القصص: ٥٦

ولمّا قضى الله أمرا في ذلك؛ يواسي قلب النّبي محمد ويَرشح حرّه ويبلّل كبده، هداه إلى فلسفة: الرَّوَاقِية STOICISM. والرّواقية تُعلّم تطوير ضبط النفس كوسيلة للتّغلّب على "العواطف المدمرة".
وهي أيضا الفلسفة التي ترى أن يصبح المرء مفكّرا واضحا وغير متحيّز يمكنه من فهم العقل الكوني.

وبعبارة أجلى المعنى: هي مفهوم أن هناك أشياء لجامها ليس بيد المرء إذن عليه أن يستسلم لها حتي يأتي أمر الله، فلا تكون عليها مُحرق الكبد إذا لم تسعْه. قال تعالى في الأنعام: ٣٣- ٣٥
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ

وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ

وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ