صدفة
بدأ شريف فخوري مسيرَتَهُ الفنيةِ وهو في السابعِ عشرَ من عمرِهِ. فشكل فرقةً موسيقيةً هو وأصدقاؤه علاء،نجيب، عمر، عادل وفياض. وبدأوا يعزفون ويغنون أغانٍ رائعةٍ في المقاهي والمطاعم الصغيرة في المدينة. كبروا الشباب وبدأَت تكبرُ طموحاتِهم، فكانوا دائماً يحلمونَ بالشهرةِ والوصول إلى القمة بمعزوفاتِهم.
فبعد أن أنهوا المرحلةَ الثانويةِ، قرَّروا أن يدخلوا الجامعة وبالتحديد المعهد الموسيقي لتعلم فنون الموسيقى وخبياها. فكان علاء عازف كمان، وكان نجيب عازف ناي، وعمر كان يدق على الطبل، وعادل كان يعزف عل التشيلو، وفياض على الترومبيت، فهم يعزفون منذ الصغر، بالإضافة إلى مهارتهم التقنية، سيتعلمون المهارات العلميّة. فأصبحوا يتعلمون في الجامعة النوتات الموسيقية وكيفية إستعمالهم بالشكل الصحيح. أما شريف فكان موهوبٌ بالعزف على البيانو، وكان لديه حب القيادة، فاختار أن يتعلم إدارة كورال. ومرت السنين حتى تخرجوا وحصلوا على إجازاتهم، وخطوا أول خطوةً على طريق النجاح. وفي يوم تخرجهم، اجتمعوا في مطعمٍ واحتفلوا. فقال علاء: يا شباب الفرحة لا تسعني، فاليوم هو يومنا. فرد عليه نجيب: نعم، إنه كذلك. وأضاف: ما رأيكم أن نؤسس أوركسترا؟ فقال فياض: أوركسترا؟! أأنت مجنون؟ ألا تعلم أن الأوكسترا بحاجة إلى أربعون عازف على الأقل؟ ونحن ستة أشخاص. فقال شريف: كلامُ علاء صحيح، وكلام فياض أيضاً. فماذا يحدث إذا جمعنا الرأيان؟ فقال عادل: كيف؟ فرد شريف: أولاً نضع إعلان أننا بحاجة لعازفين متمرسين، وعندما نحصل على العدد الكافي، نجلب رخصة تأسيس أوركسترا من نقابة الموسقيين والفنانين، ونطلق عليها الإسم الذي نختار. فما رأيكم؟ فاتفق الجميع على هذا الأساس.
وفي اليوم التالي، ذهبوا إلى مجلة الإعلانات وطلبوا نشر إعلانهم. وبعد نشر الإعلان، بدأ العازفون يتوافدون. وضلوا الشباب يختارون الأفضل حتى وصلوا إلى العدد المناسب بعد عدة أسابيع. ثمّ سجلوا جميع الأسماء مع أسماء الآلات التي سيستعملوها، وذهبوا إلى النقابة وقدموا الطلب. فقال لهم موظف النقابة: الطلب سيُدرس اليوم من قبل المختصين، فعودوا غداً للحصول على الجواب. فعادوا إلى شقتهم. وعندما وصلوا، بدأوا يتشاورون بالإسم الذي سيختاروه. وبعد عدّة نظريات رسى الجميع على تسمية الفرقة "بأوركسترا الأرز الوطنية". وثاني يوم عادوا إلى النقابة فقابلهم الموظف وقال: مبروك شباب! فاللجنة وافقت على طلبكم، فأعطاهم إياه وخرجوا مجبوري الخاطر ومسرورين. فاجتمعوا على الغداء للإحتفال. وبينما كانوا يأكلون قال علاء: شباب ما رأيكم أن نذهب إلى مسرح المدينة اليوم؟ فقال شريف: مسرح المدينة؟ ولماذا؟ فرد عليه: هناك مسرحية هاملت لوليم شكسبير. فوافق الجميع على الذهاب إلّا نجيب فقال: أنا اليوم لا أستطيع، فأنا ذاهب لمشاهدة الكلاسيكو في المقهى. فقال شريف: كما تريد. وفي المساء دخلوا المسرح وقطعوا التذاكر وجلسوا في مقاعدهم. وبعد إنتهائها خرج الجميع وبينما كانوا يهمّون للعودة قال شريف إنتظروني فإنني سأقضي حاجة. وعند خروجه، صادف الممثلة الشهيرة جانيت فوقعت عينه في عينها وعرفها بنفسه وقال: أنا شريف فخوري قائد أوركسترا الأرز الوطنية. فقالت: وأنا جانيت حمادة. تشرفت بمعرفتك أستاذ شريف واستأذنت. فانضم شريف لأصدقائه وذهبوا. وبينما كانوا في الطريق إلى المنزل، تحدثوا في المسرحية واللقطات التي أعجبت كلّ واحدٍ منهم. أما شريف فكان شاردٌ وصامت. فقال له عمر: ما بك يا شريف؟ لماذا لا تتشارك معنا؟ ولم تقل لنا ما أعجبك بالمسرحية؟ فقال وهو يبتسم: جانيت! فرد علاء: جانيت حمادة؟! الممثلة؟ فقال: نعم، لو رأيتموها كم هي جميلة وفاتنة. فقال عادل: أرأيت كل هذا فيها وأنت تشاهدها على المسرح؟ وضحك. فقال شريف: لا يا صديقي لكنني صادفتها وأنا عائدٌ إليكم، بعدما قضيت حاجتي. ولدى وصولهم المنزل وجدوا طاولة عشاءٍ...